Monday, 12 April 2010

Sudan alle Urne

BBC Arabic
·العالم
·شارك برأيك
·اقتصاد وأعمال
·منوعات
·علوم وتكنولوجيا
·رياضة

آخر تحديث: الاربعاء, 7 أبريل/ نيسان, 2010, 12:16 GMT
يوميات الانتخابات السودانية
مبعوثنا لتغطية الانتخابات السودانية عمر عبد العزيز يبعث بانطباعاته اليومية عن الاجواء المحيطة بهذا الحدث السياسي المهم لمستقبل اكبر بلد عربي مساحة.
الاحد 11 ابريل/نيسان
شوارع الخرطوم شبه خالية ما عدا بعض السيارات والمارة الذين يهرولون على عجل.توقفت في منطقة السوق العربي وسط الخرطوم لتناول وجبة سريعة، وأخذت أتأمل ملصقات المرشحين ونداء الباعة المتجولين.انتبهت فجاة على صوت شخص يناديني بأسمي، فالتفت لأرى أحد أصدقائي الذين يعملون في هذه المنطقة.سألته عن سر تراجع الحركة وخلو شوارع المدينة، فرجح أن يكون السبب سفر الكثير من سكان الخرطوم إلى مدنهم وقراهم إما حرصا على التصويت في الدوائر التي سجلوا فيها أو خوفا من وقوع أحداث عنف تزامنا مع الانتخابات.أضاف صديقي أنه يعاني اليوم لأنه سأل عن الصبي الذي يمسح الأحذية بالقرب من متجره فعلم أنه سافر إلى مسقط رأسه في منطقة الفاو، ثم سأل عن المرأة التي تصنع له الشاي بالقرب من المكان فعلم أنها لم تحضر من المنزل اليوم، وهكذا.في هذه الاثناء شاهدنا عددا من التجار الذين يغلقون متاجرهم القريبة من متجر صديقي، مروا بالقرب منا وتوقفوا لشراء بعض الأغراض.طلبت من صديقي أن يسألهم عن سبب اغلاقهم لمتاجرهم في وقت مبكر، هل هو الخوف من وقوع أحداث عنف أم الرغبة في التصويت في وقت مبكر.رد أحدهم قائلا "لا هذا ولا ذاك، حركة السوق راكدة اليوم فقررنا الذهاب معا لزيارة صديق عائد من السفر وتناول الغداء معه".تناولت طعامي على عجل وأوقفت سيارة أجرة للانتقال إلى موقع آخر في جولتي لليوم الأول من الاقتراع.
السبت 10 ابريل/ نيسان
اقتنصت ساعة واحدة قبل بدء مؤتمر صحفي لاحدى القوى السياسية لكي استمع إلى حفل غنائي كان في قاعة مجاورة.
الحفل كان لصالح الأمهات والأطفال المصابين بمرض الايدز وأقامته ثلاث مغنيات سودانيات عرفن باسم "البلابل" منذ سبعينات القرن الماضي وعدن إلى السودان مؤخرا بعد غياب طويل في المهجر.
كان أول ما لاحظته لدى دخول القاعة هو أن عدد الحضور في الحفل أكبر من عدد الحضور في الندوات والليالي السياسية.
تساءلت في نفسي عن السبب، فلم أجد إجابة شافية. بعدها قررت أن أترك شخصية الصحفي السائل والمتحري للحظات قليلة واستمتع ببعض الاغنيات قبل أن انتقل للمؤتمر الصحفي.
لكن شخصية الصحفي عادت إلى الواجهة مرة أخرى عقب خروجي من القاعة فسألت بعض الشباب المتواجدين خارجها إذا كانوا يرغبون في حضورة المؤتمر الصحفي الذي سيعقد بعد قليل في القاعة المجاورة.
ردوا جميعا بأنهم يفضلون مواصلة الاستمتاع بالحفل على أي مؤتمر أو مخاطبة سياسية. قلت لهم: "لكن البلاد تمر بمرحلة انتخابات، ويجب أن تكونوا على اطلاع على الاحداث الجارية".
قال لي أحدهم "هذا الحفل أفضل من ألف مؤتمر صحفي، لأنني أعمل طوال الأسبوع وأحس بالتعب والملل وأريد أن أروِّح عن نفسي، لا أن استمع إلى جدال وخصومات لا تنتهي".
تدخل آخر وقال "الأمر ليس ترويحا عن النفس فقط، بل إن هذا الحفل يقدم خدمة لفئة محتاجة من المجتمع وسيذهب ريعه لأمهات وأطفال بحاجة للمساعدة، فماذا قدم السياسيون لضحايا الإيدز حتى الآن؟".
حاولت أن أجرَّهم إلى المزيد من النقاش، فسألتهم: "ما رأيكم أن تشهدوا الحفل حتى النهاية، ثم تنتقلوا للحاق بنهاية المؤتمر الصحفي؟".
رد علي أحدهم بغضب، قائلا: "لا، نشهد الحفل حتى النهاية ثم نطلع على أخبار المؤتمر في صحف الغد".
الجمعة 09 ابريل/ نيسان
اليوم الجمعة هو آخر أيام الحملة الانتخابية استعدادا للانتخابات التي تنطلق الأحد.
خرجت إلى الشارع مبكرا لأرى إن كان هناك أية استعدادات استثنائية لهذا اليوم الختامي.
قلت لنفسي إن اليوم ربما يكون مثل بقية الأيام، وذلك لانخفاض حرارة المنافسة بسبب ما تم الإعلان عنه من انسحابات، لكنني استدركت أن اليوم الجمعة، وربما يكون للعطلة أثر على مقدرة الناس على متابعة الحملات الانتخابية وحضور الندوات.
في احد الشوارع الجانبية شاهدت سيارة مكشوفة وقد غطيت بملصقات أحد المرشحين المستقلين وبداخلها شابان وشابتان.
بدأ هؤلاء الشباب في استخدام مكبر صوت للدعوة إلى ندوة للمرشح الذي يؤيدونه.
بعد لحظات تجمع حولهم بعض المارة، فاخذوا يوزعون عليهم بعض الملصقات والكتيبات.
اقتربت منهم وسألتهم عن السبب الذي يدعوهم لبدء حملتهم في هذا الوقت المبكر، فكان الرد أن اليوم الجمعة ومعظم سكان الحي يذهبون إلى صلاة الجمعة في وقت مبكر، وبعد ذلك إما أن يخلدوا إلى اراحة في بيوتهم أو يزورون أقاربهم في أماكن أخرى وأنهم يريدون استغلال هذه الفترة الصباحية حتى يجتذبوا أكبر عدد ممكن من سكان المنطقة.
في هذه اللحظات اقتربت سيارة أخرى تدعو للتصويت لمرشح أحد الاحزاب في نفس الدائرة وبداخلها رجلان وسيدة ووقفوا بسيارتهم في مكان غير بعيد منا.
لم يتجمع عدد كبير من المارة بالقرب من السيارة الثانية، بل فضل العدد الأكبر منهم التوقف عند سيارة المرشح المستقل.
قلت لأحد الشباب مداعبا "لا بد أنكم ستحصدون أصوات هذه الدائرة، فالجميع يقبل عليكم ولا يلتفتون إلى سيارة المرشح الآخر".
رد علي بحماس "نعم نحن الأوفر حظا ومرشحنا رجل متعلم ومستنير و...."، قاطعه أحد المارة مشيرا إلى سيارة المرشح الآخر "ونحن مرشحنا أيضا مستنير، أم أن الاستنارة لكم وحدكم".
رد الشاب بحماس أكبر من المرة السابقة، حماس يكاد أن يتحول إلى انفعال، فشعرت بحرج شديد لأن سؤالي كان سببا في هذه المشاحنة الكلامية.
حاولت أن أقلل من انفعال الطرفين قبل أن يتطور الأمر إلى عراك بالأيادي، لكن كلماتي ضاعت وسط الصراخ الذي عم المكان.
الخميس 08 ابريل/ نيسان
ذهبت لمقابلة أحد الصحفيين العاملين في احدى الصحف اليومية لاستلم منه بعض الاحصائيات التي كنت قد طلبتها منه.
عندما خرجت من مبنى الصحيفة شاهدت احدى "ستات الشاي" فقررت أن أشرب كوبا من الشاي قبل مواصلة الرحلة.
وستات الشاي هم احدى الظواهر الاجتماعية المنتشرة في السودان، وهم مجموعة من السيدات اللائي ينتشرن في شوارع العاصمة الخرطوم ويبيعن الشاي والقهوة بالقرب من الجامعات وأماكن العمل.
كان الوقت مبكرا والشارع شبه خال من المارة والسيارات، وكنت أحمل أوراق الاحصائيات التي حصلت عليها في يدي وهي تتعلق بالتعليم ونسبة الأمية في السودان، وكنت أعلق بطاقتي الصحفية في مكان بارز عندما دخلت مبنى الصحيفة ونسيتها.
اقترب مني أحد الشباب الذين كانوا يشربون الشاي وتعرف علي وبدأ في الحديث معي.
لاحظت أنه يحدق في اسم الملف الذي أحمله، فاخبرته أنها احصائيات عن التعليم ونسبة الأمية في السودان.
وكأن هذا الشاب كان ينتظر هذا الحديث، فما أن سمع كلمة "الأمية" حتى قال لي "هذه هي المشكلة والعائق الكبير أمام الانتخابات".
ثم أخذ يحدثني عن رأيه بأن الديمقراطية تحتاج إلى إعداد وتدريب طويل وأنها لا تصلح في شعب ترتفع فيه نسبة الأمية.
في هذه الاثناء اقترب منا شاب آخر وبدأ في الدفاع عن وجهة النظر الأخرى والقائلة بأن الارتباط غير ضروري بين التعليم الاكاديمي والوعي السياسي.
لم يصل الاثنان إلى اتفاق ولم يستطيعا تقريب وجهات النظر، فقال الشاب الثاني للأول "سأسأل ست الشاي هذه رأيها في الانتخابات، وأنت تعلم أن معظم ستات الشاي لم ينلن حظا من التعليم، وستدهشك بمتابعتها وفهمها للشأن السياسي".
سأل الشاب السيدة -التي يبدو أنها في العقد الخامس من العمر- عن رأيها في التطورات السياسية الراهنة، فاخذت تحدثنا عما سمعته في الإذاعة خلال الأيام الماضية ورأيها فيما يجري هذه الأيام.
نظر الشاب الثاني إلى الأول وقدا بدا منتصرا ومنتشيا بما سمعه، فقال له الأول "هذه ست شاي واحدة والبلد فيها الآلاف".
الأربعاء 7 أبريل/ نيسان
خرجت من الفندق مبكرا لشراء الصحف اليومية، وكان لا بد لي من الوصول إلى أقرب مكتبة لبيع الصحف بسيارة أجرة لأن الفندق يقع في شارع النيل حيث لا توجد سوى الفنادق والمباني الحكومية والمحلات السياحية المطلة على الشاطىء.
أوقفت سائق السيارة وقلت له أنني أريد الوصول إلى أقرب مكتبة لشراء صحف، بدا على وجهه الاستغراب والتعجب ولم يقاوم الفضول فسألني "تريد الوصول إلى مكتبة بسيارة أجرة لشراء الصحف؟ لا بد أنك تنتظر خبرا هاما".
أخبرته بأنني صحفي وأريد أن اطلع على آخر المستجدات السياسية، بدا على وجهه نوع من عدم المبالاة، ثم قال بعد لحظة "والله الأخبار كلها لا تسر".
حاولت أن أجره إلى المزيد من الحوار، فبدا زاهدا في متابعة التطورات السياسية وغير واثق في تصريحات السياسيين ومواقفهم.
في كشك بيع الصحف كان الأمر مختلفا، حيث احتشد حوالي عشرة أشخاص وأخذوا يقرأون عناوين الصحف وبعضهم انخرط في نقاش حاد حول تطورات المواقف السياسية.
عندما طلبت من البائع شراء سبع صحف، شهدت الدهشة مجددا على الوجوه، وهذه المرة لم انتظر سؤالهم بل بادرتهم بالقول "أنا صحفي أريد الاطلاع على آخر التطورات".
تحلق حولي عدد من الحاضرين، وأخذ كل منهم يدلي برأيه ما بين مؤيد لقيام الانتخابات وداع لمقاطعتها وكل يدعم حجته بالإشارة إلى بعض العناوين البارزة في الصحف.
كانت هناك بعض الآراء المتفائلة وأخرى متشائمة، لكنهم جميعا اتفقوا على أن الأسابيع القليلة أو ربما الأيام القليلة الماضية ستكون فاصلة وهامة في تاريخ السودان الحديث.
الاثنين 05 أبريل/ نيسان
عندما وصلت إلى مطار الخرطوم صباح الاثنين كنت متشوقا إلى رؤية الملصقات الانتخابية على شوارع المدينة بعد مرور 24 عاما على آخر انتخابات تعددية في السودان.
لكن عند خروجي إلى الشارع في الثالثة صباحا لم ألحظ الكثير من هذه الملصقات على الرغم من أنني دققت النظر بحثا عنها.
في الصباح الباكر، وبعد غفوة قصيرة لم تتعد سويعات، توجهنا إلى مكتب الإعلام الخارجي لإصدار بطاقة تمكننا من العمل الصحفي داخل السودان.
ومرة أخرى امعنت النظر في الطريق بحثا عن الملصقات الانتخابية على جدران المدينة. وعلى الرغم من أنني شاهدت العديد من الملصقات هذه المرة، إلا أنها لم تكن بالكم والكيف الذي توقعته.
كانت غالبية الملصقات للرئيس الحالي عمر البشير وبقية مرشحي حزب المؤتمر الوطني، وكان مرشح الحركة الشعبية ياسر عرمان هو الثاني من حيث الكم والكيف.
في مكتب الإعلام الخارجي قضينا وقتا طويلا لاكمال الاجراءات وطلب منا ملء استمارة للحصول على البطاقة الصحفية، قبل أن نتسلمها في نهاية الأمر.
ظننت حينها أن عقدتنا قد حلت وأن بامكاننا أن نباشر العمل فورا، لكن قيل لنا أن علينا إصدار بطاقة أخرى من المكتب الصحفي لمفوضية الانتخابات.
وصلنا إلى مكتب المفوضية بعد منتصف النهار، حيث قضينا وقتا أطول مما قضيناه في مهمتنا السابقة، لكن الوقت مر بفضل تجاذب الحديث مع الزملاء الصحفيين، وكان من بين من التقينا بهم صحفيون نيجيريون وآخرون مصريون.
عند حوالي الثالثة بعد الظهر غادرت مبنى المفوضية وأنا أحمل البطاقتين اللتين تؤهلاني لتغطية الانتخابات السودانية.
كان في عيني بقايا نعاس من أثر الليلة الماضية وعدة اسئلة حول ضعف الحملات الانتخابية بعد غياب عن صناديق الاقتراع قارب ربع قرن من الزمان، لكن ربما تحمل الأيام القادمة إجابة على هذه الاسئلة أو ربما تثبت خطأ ما ذهبت أليه.

No comments: